إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.
محاضرة بعنوان المكسب الحلال والمكسب الحرام
7223 مشاهدة
أطيب كسب الرجل من عمل يده

فهذا لا شك أنه دليل على أن نبي الله صلى الله عليه وسلم حريص على أن تكون الأمة الإسلامية متحابة متوادة في الله تعالى، وحريص على أن يبتعد المسلمون عن المكاسب المحرمة وعن الشبهات، وأن لا يأخذ أحدهم ما لا يستحقه من المال، أي لا يأخذه ظلما ولا يأخذه غصبا أو قصرا بل يقتصر على ما أباحه الله تعالى، أباح الله من الأموال ما فيه كفاية وما فيه غُنية عن الحرام، فأباح أن يكتسب الرجل بحرفته وبكد يمينه، إذا اشتغل بحرفة كصنعة من الصناعات ولو كانت رذيلة عند الناس فإنها لا تضره ولا تنقصه، حتى ولو استنقصه الناس بهذه الصنعة ولذلك قال بعضهم:
ألا إنمـا التقـوى هي العز والكـرم
وحـبك للدنيـا هو الـذل والسقم
وليس علـى عبـد تقـي نقيصــة
إذا حقق التقوى وإن حاك أو حجم

فلو اضطر إلى أن يعمل حائكا وهو الذي يحوك اللباس فإن ذلك لا ينقص قدره؛ لأن هذا من الكسب المباح الذي يكتسب به رزقا وقوتا حلالا، وهكذا الصناعات لو اشتغل جزارا يجزر الدواب ويبيع لحمها، ولكن لا يبيع إلا بنصح وبإخلاص بينه وبين من يتعامل معه كان كسبه حلالا، وكذلك أيضا لو اشتغل حجاما إذا لم يجد إلا هذه الحرفة فإنه مباح له ذلك؛ لأنه لم يجد ما يناسبه، لو اشتغل حلاقا يحلق، ولكن ينصح فيمن يتعامل معه لكان ذلك أيضا من الأمور المباحة، لو اشتغل نجارا في الخشب وما أشبهها، أو حدادا يصنع الحديد بأي نوع من أنواع الحدادة، وكذلك لو اشتغل بناء يبني ويعمل ما يعمله من الحرف التي يكتسب بها رزقا حلالا كان ذلك أيضا من المكاسب المباحة.
وهكذا أيضا إذا اشتغل بتربية المواشي التي أباحها الله تعالى وأباح الانتفاع بها، قال النبي صلى الله عليه وسلم: يوشك أن يكون خير مال أحدكم غنم يتتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر يفر بدينه من الفتن الغنم والمواشي التي يربيها الإنسان غنما أو إبلا أو بقرا أو خيلا يكتسب من ورائها ويكون بها معيشته ومعيشة من يمونه من صوفها ومن لبنها ومن لحمها ومن ثمنها، لا شك أن في ذلك شيء من الرزق الحلال، وهكذا أيضا إذا اكتسب بما يخرج من الأرض فإن ذلك أيضا من الكسب الحلال، إذا اشتغل بغرس الأشجار المفيدة أو زرع الأرض وحرثها والأكل من نتاجها والتغذي بذلك مع نصحه وإخلاصه وعدم اعتدائه على أحد من المسلمين الذين حوله كان ذلك أيضا من الكسب الحلال، وهكذا بقية المكاسب والحرف اليدوية فيها خير.
ولذلك ذكرنا أنه صلى الله عليه وسلم قال: إن أطيب ما أكل الرجل من كسب يده أي من كده، لا شك أن ربنا سبحانه وتعالى أعطى الإنسان هذه القوة وهذه القدرة وهذا الفهم فلو لم يكن له يدان يعمل بهما لتحسر ولم يدر كيف يتكسب ولا كيف يعمل، ولكن جعل الله له هاتين اليدين ليعمل بهما، ويسمى ما يعمله وما يكسبه كسبا باليد، هكذا قال الله تعالى: فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ يقتصر المسلم على الحلال ويتجنب الحرام حتى يتغذى غذاء حلالا، وتُقبل أعماله، ويرفع الله تعالى درجته، وينزهه عن الكسب المحرم أو المشتبه، وينبت جسده على الحلال.
نسأل الله أن ينفعنا بما علمنا ويعلمنا ما ينفعنا، نسأله أن يغنينا بحلاله عن حرامه، وبفضله عما سواه، والله أعلم، وصلى الله وسلم على محمد
أسئـلة
س: بسم الله الرحمن الرحيم.
جزى الله فضيلة الشيخ خير الجزاء، هنا العديد من الأسئلة نطرح ما تيسر منها على فضيلة الشيخ، سائل يقول: هل صيام الكفارة على التتابع أم يتم التفريق بينها ؟ وجزاكم الله خيرا.
على التتابع، كفارة الظهار ذكر الله أنه صيام شهرين متتابعين لمن لم يجد العتق، كفارة القتل يقول تعالى: فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ وكذلك كفارة الوطء في نهار رمضان جعل فيه النبي صلى الله عليه وسلم مثل كفارة الظهار، كفارة اليمين قال تعالى: فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ولكن جاء في قراءة ابن مسعود فصيام ثلاثة أيام متتابعات. ولا يضر تتابع ثلاثة الأيام ولا يكلف.
س: يقول: فضيلة الشيخ أنا إنسان أحب الخير لكن لا أكون مسابقا إليه ولا أثبت على الالتزام فماذا أفعل؟
عالج نفسك إذا كنت تحب الخير فعالج نفسك فقد تكون نفسك هي التي تُكره إليك المسارعة إلى الخير والمسابقة إليه، ولكن النفس كما قال الشاعر:
وما النفس إلا حيث يجعلها الفتى
فــإن أُطمعـت تـاقت وإلا تسـلت

فعالج نفسك وحاول أنك تكون من المسارعين إلى الخيرات، وأكثر من دعاء الله تعالى الهداية والتوفيق .
س: هل كل من لم يستجب له في دعائه يكون السبب في غذائه بالحرام أو شرابه الحرام، أم أن هناك أسبابا أخرى؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا.
لا بد أن يكون هناك أسباب أخرى، فورد أن الداعي إذا دعا الله وألح في الدعاء فلا يعدم واحدا من ثلاثة أشياء:
الأول: أن يجيبه الله، ويعجل له ما طلبه، ويعطيه سؤله.
فإن لم يحصل فإنه قد يكف عنه من الشر مثله، يكف عنه من البلاء ومن الشر ومن الأذى ومن المصائب أفضل مما طلبه وسأله.
فإن لم يفعل فإن الله يدخر له أجر هذه الدعوة في الدار الآخرة؛ فلا يعدم خيرا، لكن إذا كان هناك سبب من أسباب الموانع لقبول الدعاء فيمكن أن يحرَم ويحال بينه وبين قبول هذه الدعوة .
س: يقول: فضيلة الشيخ ما هو تفسير: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف ؟
القصة أن امرأة أبي سفيان اشتكت أنه بخيل لا يعطيها من النفقة ما يكفيها، يبخل في النفقة فلا يعطيهم الكسوة التامة ولا الغذاء التام؛ فيمسهم جوع وقد يمسهم عُري وتتمزق ثيابهم لشدة بُخله مع أنه ذو مال، أباح لها أن تأخذ من ماله خفية ما يكفيها بالمعروف، فلا تسرف لا تأخذ أكثر مما يجب ولو على وجه الخفية.
س: يقول: فضيلة الشيخ ما حكم من أتى الصفا والمروة وكان يسعى ثم ..ينوي الصلاة وكان معه أغنام .. ثم صلوا في المسعى فما حكم ذلك؟ جزاكم الله خيرا.
.وصلاة إن كان يقصد صلاة الركعتين التي هي ركعتي الطواف فمحلهما خلف المقام ولكن إذا لم يتيسر صلاهما ولو على الصفا أو صلاهما في المسعى، أو في سائر المسجد أجزأه ذلك، إن كان يقصد بذلك صلاة الفريضة فصلاة الفريضة يصليها بأقرب ما يتمكن منه، إذا اتصلت الصفوف يصليها ولو في المسعى أو إذا امتلأ المسجد صلاها ولو خلف المسعى أو في التوسيعات وما أشبه ذلك، كذلك أيضا إذا كان يقصد النفل المطلق فإنه يصلي في أي مكان .
س: يقول: فضيلة الشيخ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد أرجو من فضيلتكم إبداء الحكم القاطع في صبغ اللحية ؟
صبغ اللحية سنة يعني بالحمرة أو بالسمرة أو ما أشبه ذلك، وأما صبغها بالسواد فالصحيح أنه محرم، ورد فيه وعيد شديد، ولأنه غش وتدليس، أما عدم صبغها فإنه خلاف الأولى، ولكن إذا كان هناك انشغال وشيء من الأعذار فقد يعذر فالأولى صبغها إذا كانت بيضاء بشيء مما يغير لونها مع اجتناب السواد .
س: يقول: فضيلة الشيخ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ما حكم صلاة الجماعة وهل هناك خلاف بين الأئمة الأربعة في ذلك؟
صلاة الجماعة واجبة وتاركها يستحق العقوبة عاجلا وآجلا؟؛ فقد هم النبي صلى الله عليه وسلم بتحريق بيوت المتخلفين عن الجماعة لولا ما فيها من النساء والذرية، هذا هو الحكم العام، وفهم بعض العلماء خلاف ما هو المفهوم الواجب فتكلفوا في وجوبها والجواب عن الأدلة، ولا عبرة بهم فهم مجتهدون معذورون، تجدون مثلا الصنعاني في سبل السلام تكلف في الجواب عن الأحاديث التي فيها وجوب صلاة الجماعة، وكذلك أيضا قد يُفهم من صاحب فتح الباري شيء يدل على أنه يُسَهل فيها، وكذلك صاحب نيل الأوطار الشوكاني قد يُفهم من تكلفهم صرف الأدلة عن ما تدل عليه، الأدلة واضحة في أنها واجبة، والذين تكلفوا يمكن أن عندهم أعذارا، يمكن أن في زمانهم أئمة مبتدعون فيرون أنهم إذا صلوا خلفهم فالصلاة خلفهم ناقصة، فشوا بدعة الرفض وبدعة الزيدية في اليمن في وقت الصنعاني والشوكاني ونحوهما، وكذلك بدع في مصر في عهد صاحب فتح الباري كالقبوريين أو المعتزلة أو نحوهم فرأوا أن الصلاة خلفهم ناقصة فتأولوا الأحاديث، ولا عبرة بهم ما دامت الأحاديث صحيحة .
س: سائل يقول: ما حكم السفر إلى البلاد التي ليست بكافرة ولكن اشتهر فشو الفواحش بها وخروج النساء متبرجات، ووجود الأندية الليلية ومسارح الرقص والغناء وجزاكم الله خيرا.
لا يجوز إذا كان لا يأمن على نفسه، الإنسان الذي لا يأمن أن يقع في هذه المعاصي يقع في الخمور، ويقع في الزنا، ويقع في سماع الغناء، ويقع في حضور المسارح التي فيها فتن وفيها ضلال ننهاه عن ذلك؛ لأنه لا يأمن على نفسه، أما إذا كان الإنسان من أهل الإيمان القوي، يثق بأنه لا يحضر تلك المسارح ويأمن على نفسه فلا يفعل فاحشة الزنا، ولا يشرب الخمر، ويقصد من السفر إما تجارة يتَّجر فيها، وإما دعوة إلى الله، وأمرا بالمعروف ونهيا عن المنكر، وهو آمن على نفسه فله ذلك، فقد يكون السفر مباحا، وقد يكون مستحبا، وقد يكون حراما .
س: فضيلة الشيخ رجل اشترى سيارة بمبلغ مائة وثلاثة آلاف ريال بالكاش، ولكن عند دفع المبلغ أنقصوا..المبلغ ثلاثين ألف ريال فقالت الشركة: نقسطها عليك مقابل فائدة ثلاثة آلاف ريال فهل هذا جائز..؟
لا شك أن هذه الثلاثة الزائدة أنها ربا فإذا كان أنها ثمن السيارة فلا بأس، فإذا قالوا: ثمن السيارة نقدا تسعون ألفا، وثمنها مؤجلا وأقساطا مائة ألف وثلاثة آلاف. فهذا جائز، فإنك إذا جاءك اثنان أحدهما يشتري سيارة بنقد والآخر يشتريها بغائب زدت على الغائب مقابل الأجل، أما إذا اتفقوا على أن السلعة بمائة ألف وثلاثة آلاف، ثم دفع ما قدر منه ولما بقي عليه ثلاثون ألف قالوا: هذه الثلاثين نزيد فيها نجعلها ثلاثة وثلاثين مقابل أنك ما سلمتها. فالزيادة تكون ربا .
س: يقول: فضيلة الشيخ امرأة نذرت لله أن تصوم خمسة عشر يوما في مكة وهي الآن في البيت ويصعب عليها السفر إلى مكة والصيام هناك فهل لها أن تصوم هذه المدة هنا، أم أنه يلزمها السفر إلى مكة وتجلس حتى تكمل المدة التي نذرت بها، أو أنها كلما سافرت للعمرة تصوم يومين أو ثلاثة حتى تنتهي أفيدونا جزاكم الله خيرا.
لا شك أن الصيام في مكة أفضل منه في غيرها ؛ لأنها البلد الحرام فكما أنها تضاعف فيها الحسنات، فمن الحسنات الصيام فعليها الوفاء إذا كانت قادرة، عليها أن توفي، وإذا كانت من نيتها التتابع أن تصوم الأيام كلها متتابعة فلا بد أن تذهب مع أحد محارمها ويمكنها من الإقامة هناك حتى تصومها متتابعة، إذا لم يكن من نيتها التتابع جاز لها أنها كل ما زارت مكة صامت فيها يومين ثلاثة أيام، ثم إذا بقي عليها شيء في الزيارة الثانية كذلك، وهكذا ولو في الأوقات الفاضلة كأيام الحج وما أشبهها.
س: فضيلة الشيخ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد قلت لزوجتي: أنت مطلقة إذا ذهبت إلى ذلك المكان. وقبل موعد ذهابها رأيت الرجوع عن تهديدي فهل إذا ذهبت تطلق أم لا؟ علما بأن تهديدي كان بلفظ الطلاق وفقكم الله.
ننصح بعدم استعمال هذه الكلمة؛ لأنه يترتب عليها فراق الزوجين، وذلك بلا شك من المصائب ومن الآلام التي يحدث بها أضرار على الزوجين، في هذه الحال نرى أنك ما قصدت الطلاق، وأن نيتك إنما أردت بذلك التخويف أن تمنعها وتخوفها وتحذرها من الذهاب إلى ذلك المكان؛ لأن من قصد الطلاق لم يعلقه على شيء ظاهر قصده الحث أو المنع، فأرى في هذه الحال أن لا يقع الطلاق، وأن عليك كفارة وهى كفارة يمين: إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعم أهلك، أو كسوتهم كسوة تجزئ في الصلاة ولا تعد لمثل ذلك .
س: يقول فضيلة الشيخ يقوم البعض بشراء سيارة من بنك الرياض خاصة من راتبه تسلم عن طريق هذا البنك فيقوم البنك بدفع شيك بقيمة السيارة نقدا إلى إحدى شركات السيارات مثل تويوتا وغيرها ثم توقع استمارة من البنك بقيمة يقسطها المشتري للبنك المذكور مع العلم أن البنك لا يملك سيارات، وقد وقع هذا من كثير من الناس فما رأي فضيلتكم؟
الواجب في مثل هذا أن البنك لا يبيع السيارة إلا بعد ما يملكها ولو أن المشتري معروف، فإذا قلت للبنك الذي عنده مرتبك: إني أرغب سيارة من نوع كذا وكذا. فالتزم بأن يشتريها يتصل بالشركة التي تبيع سيارات ويسألهم عن قيمة هذا النوع، ثم يتفق معهم على القيمة، ويرسل إليهم الثمن، ويرسل من يستلم أوراق السيارة ومفاتيحها، ثم لا بد من حيازتها أن ينقلها من مكان إلى مكان آخر؛ حتى تدخل في ملك ذلك المالك الذي هو البنك، ثم بعد ذلك يعرضونها عليك ويقولون: هذه السيارة دخلت في ملكنا مثلا بثمانين ألف ونبيعها بتسعين ألفا أقساطا نحسمها من مرتبك ولا نلزمك. فإذا قلت: لا رغبة لي فيها. كانت السيارة لهم، وإذا رغبتها استلمتها وأحلتهم على مرتبك أقساطا، ولا تبعها أيضا إلا بعد ما تغير موضعها إذا كان قصدك بيعها، أو تخرجها وتستعملها .
س: سائل يقول: يا شيخ حفظك الله ما الحكم لو أخذ الرجل قرضا من بنك ربوي بسبب شدة أولياء الأمور في مهور بناتهم حتى يمكن للشاب الزواج وجمع تكاليف الزواج إلا بالطرق غير المشروعة وهو قد وصل إلى حق وجوب الزواج عليه؟
ننصح بعدم أكل المال الحرام، أو الإيقاع فيه، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه أي المتعاونين عليه، ولا شك أن هذا حرام، إذا أخذ من البنك أو أخذ من إنسان مال قال: أعطوني خمسين ألف واكتبوها ستين ألف، أقسطها عليكم. كان هذا حراما، إذا اضطر إلى ذلك يشتري من أهل السلع السلع التي هو بحاجة إليها، ففي زواجه يحتاج مثلا إلى ما يقاوم أربعة آلاف من الكسوة، وما يساوي ألفين من الأطعمة، وما يساوي مثلا ألفين من الفرش، وما يساوي ألفا أو ألفين من الأواني التي يؤسس بها منزله، فهذه في إمكانه أن يشتريها من أهلها بزيادة، فيقول لصاحب الأواني: أعطني هذه الأواني التي قيمتها ألف. فيقول: بألف ومائتين مؤجلة. ويقول لصاحب الأثاث والفرش والثلاجات مثلا وما أشبهها: أعطنيها مؤجلة. فيقول: قيمتها نقدا ثلاثة آلاف أبيعكها بأربعة آلاف أو بثلاثة آلاف مؤجلة، ولا يقع في الربا من البنوك الذين يعطونه دراهم ويكتبونها بزيادة .
س: يقول: فضيلة الشيخ حفظك الله إذا ذهبت في زيارة أحد الأقارب وقدم لي طعاما وشرابا وأنا لا أدري.. هل هو من مكسب حلال أو حرام خاصة وأن كثيرا من الناس في هذا الزمن لا يبالي من حلال كان كسبه أم حرام فهل لي أن آكل من ذلك الطعام أم لا؟
الأصل هو الإباحة- إن شاء الله- في أموال المسلمين فإذا عرفت بأن كسبه حرام كغصب وسرقة وظلم وعدوان فننصحك بألا تأكل منه، وأما إذا لم تدر ولم تعلم أن فيه حرام فالأصل أنك تأكل منه؛ لأن هذا بناء على الأصل، وإذا كان في نفس الأمر حرام فأنت معذور والإثم على المكتسب .
س: يقول: فضيلة الشيخ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته إن حفلات الزواج في هذه القرية وما حولها..قد يحصل فيها من المنكرات ودق الطبول، وجلوس العروسة على المنصة، ثم يدخل العريس في مسمع من النساء الأجنبيات، وأخذ الصور التذكارية وصور الفيديو لقصد الاحتفاظ بها للذكرى، فهل تبين لنا ما الحكم في. . ذلك ..المطبلات النساء .أو المصورات النساء؟
لا يجوز ذلك، أما ضرب الطبول فإنه لا يجوز لا في هذه الحفلات ولا في غيرها؛ لأنها من آلات اللهو التي أُمر بمحقها، لا بأس بضرب الدف الذي هو مختوم من جهة ومفتوح من جهة، والقصد من ضربه إظهار الفرح والسرور، وكذلك أيضا لا بأس بشيء من الصوت المباح الغناء المباح الذي ليس فيه تشبيب، وليس فيه تطريب، ولا تلحين، وإنما فيه تحية أو مديح مباح، ولا يجوز أيضا السهر الطويل الذي يؤدي إلى تفويت الصلاة أو إضاعة الأوقات، ولا يجوز هذا الفعل الذي هو جلوس الرجل إلى جانب امرأته، وكذلك أيضا نظر النساء إليه الأجنبيات لا يجوز مثل هذا، بل الأصل أنه يأخذ زوجته ويذهب بها إلى منزله أو إلى المكان المعد للمبيت، فأما كونه يجلس أمام النساء فإن ذلك منكر، وهكذا أيضا التصوير تصوير الفيديو أو ما أشبه ذلك لما يسمى بالذكرى أرى أن ذلك أيضا محرم، فيقتصرون على المباح ويتركون الحرام .
س: يقول: فضيلة الشيخ بعض الناس يستغلون بعض الأفراد في مشاريع تجارية في مصالحه الخاصة فهل هذا من أكل الحرام؟
الحرام بيِّن. والإنسان الذي عنده مشاريع خاصة أو عامة فعليه أن يتعامل فيها بما أباحه الله تعالى ويبتعد عن الحرام، وعن المكاسب المحرمة حتى يسلم لدينه وعرضه، عليه إذا تقبل شيئا من المشاريع يعني كمشروع بناء أو مشروع صنعة أو حرفة أو ما أشبه ذلك أن يخلص في عمله، وأن ينصح للمسلمين الذين يعمل هذا العمل لهم سواء خاصا أو عاما حتى يأكل حلالا.
س: يقول: رجل يدرس في دولة علمانية النظام هناك يقتضي حلق اللحية أو يُفصل من دراسته علما بأنه لم يبق على دراسته إلا سنة واحدة... فماذا يصنع؟
لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق وهذه الدراسة ليست ضرورية، يجد دولة أخرى غير هذه العلمانية يتقبلونه ويدرس عندهم وهو متمسك بدينه، وليس الرزق من شرطه أن يحصل على هذه الشهادة أو هذه المؤهل، الله تعالى يرزقه ويغنيه بالحلال عن الحرام، ننصحه بألا يفعل وألا يعصي الله تعالى مقابل هذه الدراسة .
س: يقول: ابتلي كثير من الناس في هذه المنطقة بأكل القات وبيعه وتهريبه إلى المناطق الأخرى فما حكم ذلك، وما النصيحة؟
لا شك أن هذا النبات خبيث، خبيث الأثر وخبيث الطعم، كذلك الدخان، والنارجيلة، والشيشة، وما أشبه ذلك كل هذا من الخبائث التي تستقذرها النفوس، وتنفر منها، ويعلم العاقل أنه خسران مبين، فنحن نقول: ما فائدتكم من أكل هذا النبات؟ هل هو غذاء يحصل منه شبع وطعام أم ليس كذلك؟ معروف أنه لا يسمن ولا يغني من جوع.
هل هو طعمه لذيذ كطعم العسل أم ليس كذلك؟ معلوم أنه ليس كذلك.
هل تربحون من شرائه واستعماله أم تخسرون؟ لا شك أنهم يصرفون فيه أموالا طائلة، يتلفون هذه الأموال ومع ذلك يتلفون أبدانهم، يُشاهد الذين يستعملونه أن أبدانهم نحيفة وأنهم ضعاف الأجسام، وأنهم منهكو القوى ثم مع ذلك يسمرون عليه وقتا طويلا كما في قصيدة الحكمي رحمه الله في قوله:
إن جاءه الظهر فالوسطى يضيعها
أو مغربا فعشـاء قـط لم يـأت

فهو مع ذلك يشغل عن الصلوات ويلهي عن الأعمال المفيدة .
س: يقول: فضيلة الشيخ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته من المعلوم ...كبيرة فنرجو كلمة توجيهية ..